الحيرة
Feb 03, 2020الحيرة؟
من المشاعرالـ بنعيش معاها كتير وبنحاول نخلص منها. بيكون شعور مش ظريف انك محتار بين طريقين أو أكتر ومش عارف تقرر، قرار في علاقة أو في شغل أو أي خطوة مهمة في حياتك. الفكرة الـ هتختارها هتترتب عليها حاجات كتير وممكن تغييرها يكون صعب قدام.
لو فكرنا شوية هي ايه الحيرة وبتحصل ليه؟ هنلاقي انها بتحصل بسبب تعارض بين القيم؛ شخص ممكن ياخد قرار انه يفضل في شغل مش بيحبه ومضغوط فيه نفسيا وجسديا بس بيحقق له استقرار مادي، وقرار تاني انه ممكن يشتغل عمل حر مثلا في حاجة بيحبها أو يفتح مشروع لكن الإستقرار مش مضمون. هنا الشخص ده اختار قيمة "الاستقرار" على حساب قيمة "الإستمتاع"، وممكن شخص تاني يعمل العكس. ومش معناه إن أي حد فيهم صح أو غلط أو حد فيهم لازم هينجح أو هيفشل بصورة مطلقة لأن ده تابع لعوامل كتير وظروف وتفكير كل واحد فيهم. الحيرة ممكن يكون جواها خوف انك تختار حاجة وترجع تندم، وممكن تكون جواها رغبة انك تاخد كل المزايا من غير ما تضحي بأي واحدة فيهم رغم إن ده مش دايما بيحصل.
ومن أكبر أسباب الحيرة هي التفكير المحدود؛ انك تزنق نفسك في اختيار أو اتنين مالهمش تالت بسبب انك مصدق ومقتنع تماما ان مفيش غيرهم. مع ان الحياة ممكن يكون فيها احتمالات واختيارات لا نهائية، لكن نتيجة الضغط المادي أو ضغط شغل أو ضغط زمني، أو نتيجة لمعتقدات معيقة ومحدودة كتير اتربينا عليها زي إن "الفرصة مش بتيجي مرة واحده في العمر" أو "الناس هيقولوا ايه" أو "ضل راجل ولا ضل حيطة" أو "انك تكون موظف في شركة وبتاخد مرتب ثابت ده المصدر الوحيد للأمان". كل ده معتقدات بتخلي الشخص يفضل في حيرة ومش شايف غير اختيارات محدودة وممكن ياخد قرار يضره ويحدد مصيره بشكل سلبي بقية حياته بسبب الخوف الـ بيخليه يختار قيمة زي "كلام الناس" أو الأمثلة الـ قلناها ويتجاهل راحته الشخصية أو يضحي بحريته لمجرد انه يحافظ على فكرة معينة وميواجهش خوفه.
ازاي نتعامل مع الحيرة؟
1- أول حاجة تقبل انك محتار وان ده شعور طبيعي كلنا بنمر بيه. كونك مضايق انك محتار وعايز تخلص من الشعور ده بسرعة دي حاجة مش في صالحك واحتمال كبير تهرب من الموضوع أو تاخد أي قرار لمجرد انك "تخلص". وممكن تغير نظرتك للحيرة انها فرصة! أول ما تلاقي نفسك محتار والرؤية مش واضحة، اعتبرها فرصة لتوسيع خياراتك والتفكير بطريقة جديدة وايجاد حلول ابداعية قبل ما تزنق نفسك في اختيار أو اتنين مالهمش تالت، دايما سيب مساحة ان ممكن يكون في حلول تانية واحتمالات انت مش شايفها، ويساعدك على ده القراءة والبحث وسؤال أهل الخبرة أو شخص يكون مر بنفس تجربتك أو تجربة مشابهة. افتكر دايما انك توسع خياراتك.
2- تاني حاجة ابتدي حدد انت عايز ايه فعلا وايه هي أولوياتك والقيم المهمة بالنسبة لك الخاصة بموضوعك. عايز عربية كبيرة وحديثة وموتورها عالي ومش فارق معاك التكلفة، ولا عربية حجمها معقول وإستهلاكها معقول وتوفر التكلفة لحاجات تانية؟ عايز ترتبط ببنت متحفظة وانت فكرك زيها، ولا عايز ترتبط ببنت متحررة أكتر وانت فكرك متحرر وهتتقبلها زي ما هي؟ ولا عايز ترتبط بواحده متحررة وانت فكرك متحفظ وهترجع تلومها على تحررها وتحاول تغيرها؟؟ اعرف انت عايز ايه وحدد أولوياتك عشان مترجعش تزعل.
3- بعد ما تشوف الخيارات المتاحة كلها بكل بساطة ممكن تكتب أو تشوف المميزات والعيوب في كل اختيار فيهم وتقارنهم. انهي اختيار متناسب مع أكتر قيم انت عايزها، وأنهي قيم ممكن تتنازل عنها شوية؟
4- تواصل مع حدسك الداخلي واتعلم تسمعه. صوت الروح - صوت القلب - الحدس الداخلي - الإلهام - أو أيا كان المسمى، في حاجة جواك فيها حكمة مرتبطة بمصدر أعلى من الأفكار العقلية والمشاعر العابرة ومتغيرات الحياة، الصوت ده عارف كل علاقة مناسبة ليك ولا لا وكل أكلة وكل قرار بتاخده في حياتك مناسب ليك ولا لا. الصوت ده هو بمثابة المرشد الداخلي الـ بيقودك لكل حاجة انت كويسة ليك ومنسجمة مع رسالتك في الحياة. الصوت ده هادي وأحيانا مش بنسمعه من دوشة الأفكار والمخاوف وانشغالات الحياة، لكن هو صوت ثابت وحقيقي وتقدر تثق فيه، لكن محتاج تدرب نفسك باستمرار من خلال التأمل انك تهدي الدوشة الـ جواك عشان تقدر تحسه وتسمعه، وكل ما تسمعه المواقف والنتائج هتثبت لك ان هو ده صوتك الحقيقي وهتقدر تسمعه بوضوح وصفاء أكتر، من غير شوشرة ومن غير ما تتلخبط بينه ما بين المخاوف والمشاعر العابرة.
5- لو الحيرة بقالها فترة وزادت أكتر من اللازم وحياتك راكده ومتوقفة في جانب معين بسبب انك مش عارف تقرر ومحتار، تأكد انك محتاج تاخد أكشن وتتصرف بشكل عملي حتى لو مش متأكد من النتيجة. في جزء مهم من رحلتنا بنتعلم فيه من خلال التجربة والخطأ، ومهما قرأت وحضرت كورسات لازم في مرحلة معينة تخوض تجربتك وتعيشها. محاولة تجنب الخطأ طول الوقت طريقة خاطئة ومش بتوصل لتطور حقيقي، لكن لو بتعمل الـ عليك وبتحاول فعلا تاخد القرار المناسب لكن مش متأكد، تأكد إن الإجابة هتظهر لك في الطريق والموضوع أبسط من إنك تعتبره نهاية العالم.
6- أي قرار هتاخده، راقب نفسك باستمرار. راقب أفكارك ومشاعرك وتصرفاتك طالعة منين ونتايجها ايه؟ المراقبة لنفسك في كل لحظة هي المفتاح الحقيقي لكل النقط الـ اتكلمنا فيها فوق. لما تتفرج على نفسك من فوق بحيادية هتعرف تشوف الأمور زي ما هي من غير خوف ومن غير شوشرة، رؤيتك هتكون أوضح وبصيرتك هتدلك على الطريق.
ومفيش مانع أحيانا انك تختار قرار ممكن يكون مش متناسب أوي مع قيمك لفترة محدودة أو في سبيل قيمة أعلى هتتحقق قدام، لكن مش في كل الحالات ومينفعش يكون ده بشكل دائم وإلا هتعيش باستمرار في خانة التضحية وتأجيل السعادة للمستقبل.
وخليك مرن دايما حتى في قيمك، لأننا كائنات بتتغير وتتطور مع تجارب الحياة وممكن حاجة كانت مهمة بالنسبة لي زمان أصبحت ملهاش قيمة دلوقتي والعكس. شعارات التمسك بالقيم مش دايما بتكون صحيحة، راجع قيمك من وقت للتاني واختار تحتفظ بيها لأنك عايزها ومفيدة ليك، أو تتحرر منها في سبيل قيمة تانية أصبحت أكثر أهمية عشان تعيش مرتاح