اليقظة من حلم الهوية – قصة قصيرة حقيقية

في يوم من الأيام كان في إنسان اكتشف انه موجود

اكتشف ان في عالم وألوان وأصوات وأشياء بتتحرك وناس

ولاحظ ان عنده ايدين ورجلين وجسم بيتحرك في العالم

ومع الأيام فضلت الناس تنادي عليه بنفس الاسم … بنفس الصوت

ويفهموه ان في حاجات معينة حلو انه يعملها وحاجات تانية وحشة

الإنسان طور من قدراته واحده واحده بمراقبة الناس وتقليدهم

لحد ما أصبح عايز يعمل حاجات زيهم ويحس انه موجود ومميز أكتر ويحس بذاته

ومن هنا دخل الإنسان في حلم الهوية … صدق إنه شخص يمتلك أشياء وأفكار وآراء ومشاعر

وعجبته اللعبة … وكل الـ حواليه شجعوه عليها

لحد ما نسي هو مين من غيرها … وبقى يصحى كل يوم الصبح يفكر ازاي هيغذي الهوية ويكبرها؟

شغل وشكل وفلوس وأفكار وقصص ورغبات ومخاوف وعلاقات وقرارات … عشان يحس انه أكبر وأحسن من امبارح … ويحاول يلحق دوره في الطابور ويعمل الحاجات الـ قالوله انه لازم يعملها … وإلا مش هيلحق يغذي الهوية … ومش هيكون له مكان بينهم في العالم

وأصبح الإنسان حياته بائسة

بلا طعم ولا معنى

في سعي دائم للحفاظ على حاجة مش موجودة … وكل ما يوصلها تبعد … وكل ما يأكلها تجوع أكتر … وأول لما حد يقرب منها يتجرح ويثور ويغضب ويتألم

ويفضل في نفس الدوامة

حاسس ان مفيش مخرج … غير لما يموت والحياة تنتهي

يمكن تنتهي الهوية وينتهي معاها الألم؟

جرب ترجع كم خطوة لورا … قبل القصص الكتيرة

قبل الممتلكات والنجاحات

قبل الأهداف والرغبات

قبل الصح والغلط

قبل الاسم الـ قرروا يكون ده اسمك

يا ترى انت مين من غيرهم؟

مين الـ بيتحرك وبيفكر وبيشوف؟

مين الـ بيحس بالألم؟

صحيح إن بعد الموت ممكن يكون فيه نعيم

لكن لما يكون موت حقيقي

الموت الحقيقي هو موت الهوية … وانت صاحي وعايش ومستيقظ

اليقظة مش انك تصحى الصبح من السرير … اليقظة هي الصحيان من حلم الهوية

بقالك كم سنة بتحلم ومش عارف انك بتحلم؟

طول ما انت بتعاني فانت مستغرق في النوم العميق

طول مانت حزين وخايف اعرف انك في وسط حلم سيء لكنك مصدقه … ومش عارف انك بتحلم

لكن الحلم ده محدش هيصحيك منه غيرك

كل يوم الحياة بتقوم معاك بدور المنبه

وفي ايدك تعمل “سنوز”

وفي ايدك تصحى

جايز في الأول لما تحاول تصحى تشوف حاجات مش عاجباك كنت بتحاول تهرب منها وتخبيها عن نفسك بقالك سنين

لكن في أخبار حلوة:

إنك أول ما تقوم من النوم … هتكتشف انها مش انت

في ناس كتير طيبين هيحاولوا يدوك مسكنات مختلفة ويقولولك تحسن من هويتك ازاي وتشتغل كتير وتلهي نفسك ومش هيجيلك كوابيس تاني والدنيا هتمشي

لكن الكلام الـ عايز يطلع من خلالي … بيقول لك متشغلش بالك بتفاصيل الهوية وتحاول تحسنها أو تقلل منها

تعظمها أو تحقر منها

تحبها أو تكرهها

مش ده المهم

في حاجة أهم:

“اليقظة من حلم الهوية”

أعظم تجربة ممكن تعيشها وانت في جسمك

أجمل نشوة ممكن تحس بيها

أكبر اتساع ممكن تختبره … عقلك هيقف عاجز أمامه ومش هيعرف يترجم ولا يفسر ولا يحلل

انت مش أي حاجة كنت فاكر انها انت

انت الوعاء الفاضي الـ بيحصل جواه قصة حياتك بتفاصيلها

حياتك مش حياتك لأنك لا تمتلكها

انت الحياة نفسها … الولاحاجة قبل ما تتشكل

كلامي مش كلامي ومش مجرد كلام شكله حلو أو فلسفة

ده الحياة بتفكرك بحاجة حقيقية انت نسيتها … انت الحقيقي مش منفصل عني ومش منفصل عن الحقيقة

لأننا وعي واحد متصل من قبل الهوية

وايه لازمة كل ده؟

جينا هنا ليه وليه نعيش التجربة دي من الأساس؟

ليه الألم والمعاناة والفراق والحزن والفشل والاحباط؟؟!

ويا ترى مين الـ بيسأل؟

وايه معنى السؤال؟

مين الـ عايز دايما يهرب من اللحظة الآنية … ويحولها لمجرد سبب لنتيجة مستقبلية؟

مين قال انك تفسر التجربة وتفهمها … أهم من انك تعيشها وتتذوقها؟

هو الطفل لما يكون فرحان وبيرقص عارف ان الرقص مفيد وبيفضي الطاقة السلبية؟؟

ولا البطة لما تنفض جناحاتها والزهرة لما تفتح والقرد لما يتنطط ع الشجرة … عايز يكسب الألعاب الأوليمبية؟

يعني أعمل ايه؟

وازاي أصحى من الحلم؟؟

المشكلة الوحيدة انك فاكر انك لازم تعمل … لأن من يوم ما وعيت ع الدنيا … قصدي من يوم ما استغرقت في الحلم،

وانت بتعمل حاجات

قالولك لازم تعمل حاجات كتير وحاجات فوق طاقتك وتعملها بسرعة في سبيل الهوية

ما تيجي تجرب حاجة تانية؟

جرب تلاحظ … جرب تسكن شوية … جرب تتنفس … جرب تتسائل زي الطفل

جرب لو عندك طفل تتعلم منه

جرب تبص لشجرة وتقلدها

جرب تسكن شوية

مش لازم على طول يكون في محتوى

جرب تلاحظ السما الفاضية

وتسمع لحظات الصمت في الموسيقى

وتتفرج على الفراغات بين الكلمات

وتقعد مع شخص بتحبه من غير ما طول الوقت تتكلموا

هتكتشف ان في حاجة تانية غير الهوية

قصدي “ولا حاجة” أكبر من أي حاجة وأي هوية

معلش مضطرين نستخدم اللغة

واللغة جاية من العقل

والعقل أسير في سجن الهوية

مع إنه أداة قوية

لكن أصبح مصدر معاناة للبشرية

تلوث وحروب وأسلحة نووية

في محاولة لإثبات وتضخيم الهوية

جنون تحت اسم الوطنية والحرية

شعارات زائفة وفانية

الحرية الحقيقية هي اليقظة من حلم الهوية

الحرية الحقيقية هي ادراك ان مفيش حاجة أبدية

كل حاجة بتتحول من حاجة لحاجة بأشكال لا نهائية

طول مانت ماسك في حاجة مش هتعيش سعادة حقيقية

هتفضل تجري لحد امتى؟

ناس بتقضي حياتها من غير ما تعيش لحظتها … في انتظار اللحظة الحاسمة والجائزة النهائية

اصحى …

لأن مفيش حاجة هتكملك

مفيش حاجة هتخليك سعيد مدة طويلة

مفيش حدث هيغيرك

مفيش هوية هتنقذك من معاناه أبدية

زحمة الحياة بتاخدك وتخليك كل شويةتقع ضحية للهوية … وتنسى نفسك وحقيقتك

تعتقد إن انت كل حاجة شايفها وسامعها وتبدأ تتفاعل وتتخانق على هذا الأساس … وتنسى الأساس ان انت “ولاحاجة”

انت الوعاء والوعي اللانهائي الموجود جواه كل حاجة … الوعي ده غير مرئي وغير ملموس … لكن من غيره مفيش إدراك لأي حاجة … مفيش حاجة

إدراكك لحقيقتك هي نقطة البداية للحرية المطلقة … والعودة للفطرة الـ هي أصلا انت وعمرك ما كنت حاجة غيرها، لكن عقلك مش مصدق لأنه مشغول ومسحول في تصديق أوهام جسمك بيتفاعل معاها

الولاحاجة هي مساحتك الهادئة داخليا … حتى لو خارجيا بتتحرك وبتشتغل تقدر تكون متصل بالولاحاجة وعايشها

وهنا هتكون كل حاجة بيعملها الجسم والعقل والهوية … هي بوابة لنشوة حقيقية وأبدية

امتى هتدرك إن مفيش أي حاجة هتعرف تحقق لك الولاحاجة .. لأن انت أصلا بالفعل ولاحاجة؟

دلوقتِ …

مش هتعرف تدرك ده غير هنا ودلوقتِ

لأن المستقبل والماضي “حاجة”

أما الحاضر فهو “الولاحاجة”

الحاضر مش لحظة عابرة

الحاضر هو الحقيقة الوحيدة

المساحة اللانهائية الموجود جواها الماضي والمستقبل وكل حاجة

الولاحاجة مش مجرد كلمة

وأبعد بكتير من اللغة والحروف الـ عينك شايفاها …

لكنها أقرب للفراغات في الخلفية بين الحروف الـ من غيرها مفيش معنى ومفيش رسالة هتوصلك ومفيش حاجة … ومفيش حرية

انت مش حد

انت مش حاجة

انت مش هوية

انت أنا

انت سكون

انت كل حاجة

انت اتساع وحرية

اسكن واحتفل بكل حاجة زي ما هي

#الولاحاجة_كل_حاجة

#مسار_الحرية

#اليقظة_من_حلم_الهوية